¤ نص الإستشارة:
أنا فتاة عمري سبع وعشرون سنة، لم أتزوج، وكنت أصلي وأصوم وأحفظ القرآن وكنت أسعى لفعل الخيرات وأبادر إلى الأعمال الصالحة...، ولكن الآن أصبحت لا أفعل أي شيء، وذلك من كثرة التفكير في الزواج، فأنا أريد أن أتزوج وأعف نفسي وأستقر، وهذا التفكير جعلني أبتعد عن بعض الطاعات، حيث إن فكري مشغول بموضوع الزواج، فأرشدوني ماذا أفعل
* الـــــرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالذي يجب أن تقومي به الآن هو التوبة إلى الله تعالى، والإنابة إليه إن كنت تريدين التوفيق في أمورك، ومنها الزواج، أما أن يكون موقفك من الإبتلاء هو البعد عن الله وطاعته فهذا مما يسعى إليه الشيطان، وهو من أمانيه، كما قال تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}.
ألست تعلمين أن الأمور بيد الله جل جلاله؟ ألست تعلمين أنه لا مانع لما أعطى الله، ولا معطي لما منع، وأنه لا ينفع ذا القوة أو الغنى غناه أو قوته إلا بالله؟ ولذا كانت -لا حول ولا قوة إلا بالله- كنزاً من كنوز الجنة، فالواجب عليك التوبة إلى الله، والرجوع إليه، والتزام طاعته بالصلاة المفروضة، والمحافظة على الأذكار، وتلاوة القرآن الكريم، والدعاء بأن ييسر الله أمورك، ويمنحك الزوج الذي يسعدك، وما يدريك لعل الله تعالى أخر زواجك، لأنك لو تزوجت من قبل لتطلقتِ، وما يدريك لعل الله قد ادخر لك الزوج الذي يسعدك. قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.
وقال تعالى: {فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}.
إن الواجب على المؤمن حيال ما يقدره الله له من خير أو شر أن يشكر عند الخير والسراء، وأن يصبر عند البلاء والضراء، وبهذا تكون جميع المقادير خيراً له، كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له...» أخرجه مسلم.
إن الإستغراق في التفكير في تأخر الزواج دون التوبة والإنابة لا خير فيه، ولن يقدم ولن يؤخر، بل هو بوابة للهلاك والإعتراض على مقادير الله تعالى، وتسخط أفعاله سبحانه ذريعة الخذلان ووسيلة الحرمان، فالحذر الحذر من ذلك، فإن الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وعلى المؤمن الرجوع لنفسه باللوم والمحاسبة، فإننا ما أُتينا إلا من قبل أنفسنا، قال الله تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك}.
وعليك ببذل الوسع في شغل الوقت بالنافع من العادات والعبادات فالفراغ من أهم أسباب كثرة الهم وتزايد الوساوس،وطموح النفس الأمارة بالسوء إلى كل أمر يسخط الله عز وجل.
إن الشباب والفراغ والجدة*** مفسدة للمرء أي مفسدة
أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك، وتسعدين معه في الدنيا والآخرة.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل...
المصدر: موقع رسالة الإسلام.